%D9%87%D8%A4%D9%84%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%BA%D8%A7%D8%B1%20%D8%AE%D9%8A%D9%91%D8%A8%D9%88%D8%A7%20%D8%A2%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7! - ارشيف موقع جولاني
موقع جولاني


هؤلاء الصغار خيّبوا آمالنا!
نبيه عويدات – 11\01\2008
نعرف جميعاً أن المجتمع الجولاني يمر بمرحلة حرجة من تاريخه، يعتبرها معظمنا الأسوأ والأخطر في العقود الأخيرة. فغياب السلطة الوطنية لأكثر من أربعة عقود، وتقاعس القيادات المحلية عن القيام بواجبها، مختصرة دورها على النشاطات السياسية الإعلامية والشكلية، مهملة بشكل تام القضايا الاجتماعية والثقافية والتربوية والاقتصادية والتنظيمية، التي تشكل الأساس لاستمرار صمود هذا المجتمع وتطوره، والأساس للحفاظ على سلامته.

في السنوات الأخيرة بدا الشرخ واضحاً بين الجيل القديم، المنقسم على نفسه، الذي فشل في العقدين الأخيرين في قيادة هذا المجتمع، وأدخله في صراعات شكلية داخلية أرهقته، وبين الأجيال الناشئة، التي فقدت الأمل في مستقبل آمن، وبدأت ترى في هذه القيادات عبئاً، لا بل عائقاً أمام تطور هذا المجتمع وتقدمه.

وبين هذين الجيلين كانت الشريحة الوسطى، التي استفادت من إنجازات الحركة الوطنية في بداية الثمانينات، التي هيأت لها الظروف للحصول على تحصيل علمي ممتاز، فاستخدمت ذلك للاستفادة على الصعيد الشخصي، إلى الحد الأقصى الذي يمكنها الحصول عليه. لقد بات الهم الاجتماعي بالنسبة لهؤلاء عيباً، ومحط استهزاءٍ بمن لا زال يعتقد أنه واجب ودَيْن يجب رده للمجتمع.
طبعاً، الأمر لا يخلو من مشاريع تبدو في ظاهرها عامة واجتماعية، ولكن في حقيقة الأمر فإن القائمين عليها فصّلوها على مقاسهم، وأصبحت وسيلة لتقوية نفوذهم في المجتمع، والحصول، لهم وللفيفهم، على وظيفة مريحة وذات دخل لا بأس به. فتحولت هذه المشاريع إلى ما يشبه الشركات الخاصة، وأصبحت تحكم علاقتها بالمجتمع معادلة اقتصادية مجرّدة.
أعتقد أن الشريحة الوسطى هذه، ولا أظلم أحداً إن سميتها بالشريحة الطفيلية، كانت الأخطر على المجتمع، حيث استفادت إلى الحد الأقصى من إنجازاته ومقدراته، لكنها تقاعست إلى الحد الأدنى من أداء الواجب اتجاهه.
لقد كان من واجب هذه الشريحة أن تستلم الراية وتقوم بدورها الطبيعي والتاريخي في المجتمع، لكنها فضلت الالتفات إلى مصالحها الشخصية، جاهلة أن الثقب الحاصل في أرضية القارب سيغرق الجميع.

وفي خضم هذه التحولات التي عصفت بالمجتمع، كنا جميعاً ننظر إلى الجيل الناشئ نظرة استهزاء وازدراء. فأطلقنا عليهم التسميات، وألبسناهم صوراً نمطية سلبية، وأكدنا، بيننا وبين أنفسنا، أن المجتمع مع هؤلاء ذاهب إلى الهلاك لا محالة.
وفجأة، ومن دون سابق إنذار، يقوم بعضٌ من هؤلاء الناشئة بتنظيم أنفسهم، فيقدمون لنا درساً في التنظيم، ويطلقون مشاريع طموحة، فشلت بعض المؤسسات المرموقة في هذا المجتمع، وبرغم ميزانياتها الكبيرة، بالنهوض بها.

ما العمل؟ لقد خيب هؤلاء الصغار آمالنا!

عقب على المادة

لا توجد تعقيبات حاليا